بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(الحلقة الأولى )
لماذا خلق الله الإنسان؟
الإجابة على هذا السؤال هو المفتاح الصحيح لموضوعنا
((كيفية تحويل الحياة إلى محراب لعبادة الله))
والإجابة تلخصها الآية الكريمة
بسم الله الرحمن الرحيم { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
يعتقد البعض أن العبادة قاصرة على أداء الصلوات المطلوبة وأداء بقية
الشعائر الإسلامية وماعدا ذلك فهو خارج عن نطاق العبادة ولنا الحرية في
التصرف كما يحلو لنا !! لذلك ستختلف آراء البشر في هذا الأمر لذلك حسم
الله القضية بقوله سبحانه { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }
ولكن كيف نحول هذه الآية الكريمة إلى واقع عملي في حياتنا كلها عبارة
محراب كبير لعبادة الله !! نجعل فيها عاداتنا اليومية عبادات نؤجر عليها
من الله ونثاب..
(الحلقة الأولى )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن
كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى
دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه
( يقول العلماء عن هذا الحديث إنه ثلاثة أرباع العلم!!)
فالنية إن لم تقترن بالعمل فقد العمل معناه وربما تعرض الأجر للخطر والضياع!! قال صلى الله عليه وسلم:-
( أول من تسعر بهم النار يوم القيامة عالم و مجاهد
وإمام ..يقول الأول يا رب تعلمت العلم من أجلك فيقول كذبت تعلمت العلم
ليقال عالم ألا وقد قيل؟؟ اذهبوا به يا ملائكتي إلى النار!! ويقول الثاني
يا رب قاتلت من أجلك وقتلت.. قال كذبت.. قاتلت ليقال شجاع ! ألا وقد قيل..
اذهبوا به يا ملائكتي إلى النار.. ويقول الثالث يارب أمرت فيك بالمعروف
ونهيت عن المنكر .. فيقال له كذبت كنت تأمر بالمعروف ولا تأتيه وتنهاهم عن
المنكر وتأتيه.. فيؤمر به إلى النار.....)
لذلك حرص الإسلام حرصاً كبيراً على النية وجعلها مصاحبة للعمل بل سابقة عليه..
( رب عمل حقير عظمته نية , ورب عمل عظيم حقرته نية!)
(لذلك جاء الإسلام ليوضح لنا المعنى الشمولي للعبادة
فهي ليست مقتصرة على الصلاة والزكاة والحج والصوم... بل إنها تشمل جميع
نواحي الحياة من مأكل وملبس ومشرب وعلم واكتساب الأرزاق والسعي عليها ,,
والزواج والرياضة,, ورعاية الأبناء والاهتمام بهم ,, و.... و.....
و....... و......)
ولكن هل كل الناس تدرك هذه الحقيقة ؟ وكيف يتم التحويل لننال أجر العبادة
على كل نشاط من أنشطة حياتنا لنحول حتى نومنا إلى عبادة نؤجر عليها من
الله سبحانه.
هذا ما سنتعرف عليه في الحلقات القادمة!!
في البداية
دعونا نقرأ بعقولنا وقلوبنا معاً هذه الآية الكريمة قال تعالى { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}
وتشير هذه الآية إلى المعنى الشامل الكامل للعبادة التي ينبغي للمسلم أن
يتعامل معها فكل شيء من صلاة ومناسك وشعائر والحياة بوجهها الشامل الكامل
بل وأيضاً الممات يعتبرها المسلم وقفاً لله وحده ولا يشرك فيها أحداً غيره
وإلا فعمله عليه مردود!!
قال الله تعالى { أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه} فلنقف عند النية ونراجعها قبل الشروع في أي عمل من الأعمال
بل إن أمر العبادة للإنسان المسلم يتعدى كل الحدود لينال المسلم الأجر على
أشياء لا تخطر على بال , حتى إنه لينال أجراً من الله حتى عندما يقضي
شهوته مع زوجته !!
قال صلى الله عليه وسلم:-
( وإن في بضع أحدكم لصدقة قالوا يا رسول الله
أيقضي أحدنا شهوته وينال بذلك أجراً ؟ قال صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن
وضعها في حرام أكان عليه وزر قالوا نعم .. قال كذلك إن وضعها في حلال كان
له بذلك أجر)
هل هناك أكرم و أجزل عطاء من الله .. إن التجارة مع الله هي التجارة
الرابحة التي لا كساد فيها أبداً لذلك كانت كل لحظة في عمر المسلم حياة
تجب الاستفادة منها !!
نعرف أن الابتسامة حتى المصطنع منها تؤثر في حالة المبتسم إيجاباً لتنفتح
نفسه للحياة ويقبل على الدنيا في نشاط وتفاؤل,, ولكن عندما ينوي بها
الترابط بينه وبين مجتمعه المسلم لله يكون له بها أجر
( تبسمك في وجه أخيك صدقة)
ولأن الزمن هو الحيز والمساحة التي تتم فيها الأعمال فالخاسر والنادم هو من غفل عن هذا الكنز الكبير وضيع عمره في العبث والتيه!!
من كلمات الحسن البصري رضي الله عنه ((
ما من يوم ينشق فجره إلا نادي مناد من قبل الحق : يا بن آدم أنا خلق جديد,
وعلى عملك شهيد فتزود مني بعمل صالح فإنني لا أعود إلى يوم القيامة))
ولأن الحياة كانت أغلى رصيد منحه الله لنا فلن تذهب سدى أو تنتهي هباء وغافل من غابت عنه هذه النتيجة.
قال تعالى: { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق} وهناك
الحساب على كل ثانية من عمرنا وعلى كل نفس فيها وعلى ما منحنا الله من
مواهب وإمكانيات إن لم نسخرها لطاعة الله والتقرب منه بها.
قال صلى الله عليه وسلم : لا تزول قدما عبد
يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه, وعن علمه فيم فعل به وعن ماله من
أين اكتسبه وفيم أنفقه, وعن جسده فيم أبلاه "رواه الترمذي "
وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك, وصحتك قبل سقمك, وفراغك قبل شغلك, وشبابك قبل هرمك, وغناك قبل فقر ك) صدق رسول الله
لذلك فنحن في صراع مع الزمن في كيفية الاستخدام الأمثل لما بين أيدينا من
ثروات لن تدوم وما قصرنا فيه اليوم سيكون أصعب جداً علينا أن نتمه غداً ,,
فصحتنا في تناقص وعمرنا كذلك وقوتنا في تنازل مستمر..
وقد ضرب مثالاً سابقاً على رجل أراد قطع شجرة ثم قرر تأجيل هذا العمل ..
فاشتدت الشجرة قوة واشتد به الضعف فعجز عما كان عليه قادراً لأنه نسي أن
عامل الزمن يهدم في البعض ويبني في الآخرين
و إلي حلقة قادمة بحول الله و قوته [/size][/size][/size]